يواصل السير اليهم وينقاد لرأي بني عقيل ، ويذهب بجماعة من الأطفال والنساء وقليل من الرجال ليأخذ بثأر مسلم ، ياللّه قد تكون ولاية العهد ليزيد عملاً خاطئا ، ولكن هل هذا هو الطريق لمحاربة الخطأ والعودة إلى الصواب » (١).
وفات هؤلاء الذين لم يخرجوا بوعيهم من قفص النص ، أن هذه النهضة يقودها إمام معصوم ، وهي مدروسة ومخطط لها وليس على نحو عَرَضي. صحيح أن الواقع الذي واجهه الحسين عليهالسلام صعب ومعقد ، ولكن الصحيح أيضا أن قوى التغيير لا تعترف بالأمر الواقع. والحسين عليهالسلام كان مصمما على التغيير مهما واجه من مخاطر ، قال منذ البداية للناس وبدون أي لبس : « أيها الناس ، إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلاًّ لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على اللّه أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرَّحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، أحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله ، وأنا أحق من غيّر .. » (٢).
انطلاقا من هذه المعطيات علينا أن ندرك بأن ثورة الحسين عليهالسلام كانت أعظم وأقوى في دوافعها وأسبابها من أن يؤثّر في اندفاعها غدر الناس ، أو أن يقف في طريقها خيانة الأعوان وانقلاب الأنصار. لقد صمّم الحسين عليهالسلام
__________________
(١) حياة الامام الحسين عليهالسلام / باقر شريف القرشي ٣ : ٤٠.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٢١٥ ، حوادث سنة إحدى وستّين.