من البداية على أن يمضي في نهضته وإن بقي وحده ؛ لأنه إن كان يوجد في عهد معاوية مايتطلّب السكوت عليه أو المهادنة معه ، فان عهد يزيد لم يكن يوجد فيه شيء من هذا مطلقا. فقد بلغ السيل الزبا ، ولم يبق أمام الحسين عليهالسلام مع يزيد إلاّ طريق الصراع المسلّح حتى النصر أو الاستشهاد.
ويكشف لنا عن هذا التصميم قوله عليهالسلام لما تقدّم عمر بن سعد فرمى نحو عسكر الحسين عليهالسلام بسهم وقال : اشهدوا لي عند الأمير أني أوّل من رمى ، وأقبلت السهام من القوم كأنّها المطر ، فقال عليهالسلام : لأصحابه « قوموا رحمكم اللّه إلى الموت الذي لابدّ منه ، فإنّ هذه السهام رسل القوم إليكم ... أما واللّه لا أُجيبهم إلى شيء مما يريدون حتى ألقى اللّه تعالى وأنا مخضّب بدمي » (١).
ويدلنا على حتمية الصراع والكفاح ضد حكم يزيد في أي حال كان عليه ، قوله عليهالسلام أيضا في مجلس والي المدينة الذي طلب منه المسالمة مع يزيد وإعطائه البيعة والاعتراف له بالخلافة فقال عليهالسلام : « يزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحرّمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله » (٢).
وهناك من وقع في أسر ضيق النَّظرة أيضا ، وتصور بأن حركة الحسين عليهالسلام كانت حركة قبليّة عشائرية تُعبّر عن الصراع المحتدم بين قبيلتين قرشيتين ، كانتا تتصارعان على السلطة والهيمنة قبل الإسلام ،
__________________
(١) اللهوف : ٦٠ ـ ٦١.
(٢) اللهوف : ١٧.