التاريخية تدلّ على أنه لم يكفّ عن نقد سياسات معاوية وتجاوزاته.
وقد بلغت أنباء تردد الشيعة على الحسين عليهالسلام واستنهاضهم له وإلحاحهم عليه للقيام بالثورة على معاوية إلى دمشق ، فأقلقت معاوية وأفزعته ، وخشي من أن يستجيب الحسين عليهالسلام لطلبهم ويلبي نداءهم ، فكتب إليه كتابا يحذره غدر أهل العراق ، ويذكره بالعهد والميثاق الذي سبق منه ، وكتب فيه : « أمّا بعد ، فقد انتهت إليَّ منك أمور ، لم أكن أظنّك بها ، رغبة عنها ، وإنّ أحقّ الناس بالوفاء لمن أعطى بيعة من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك اللّه بها ، فلا تنازع إلى قطيعتك ، واتّق اللّه ، ولا تردنّ هذه الأمّة في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك وأمّة محمد ، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون » (١).
وجاء في تاريخ دمشق أنّ الحسين عليهالسلام كتب إليه : « أتاني كتابك ، وأنا بغير الذي بلغك عنّي جدير ، والحسنات لا يهدي لها إلاّ اللّه ، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافا ، وما أظنّ لي عنداللّه عذرا في ترك جهادك ، ولا أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمّة » (٢).
وفي رواية الطبرسي أنّه أجابه : « أما بعد : فقد بلغني كتابك ... وقلت فيما تقول انظر لنفسك ولدينك ولأمّة محمد صلىاللهعليهوآله ، واتّق شقّ عصا هذه
__________________
(١) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٧٩ ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، ١٣٨٨ ه.
(٢) تاريخ ابن عساكر ١٤ : ٢٠٦ ، طبعة دار الفكر ـ ١٤١٥ هـ.