يصادف (١) ـ في استحقاق المذمة من حيث شقاوة الفاعل وخبث سريرته مع المولى ، لا في استحقاق المذمة على الفعل المقطوع بكونه معصية.
وربما يؤيد ذلك ، أنّا نجد من أنفسنا الفرق في مرتبة العقاب بين من صادف قطعه الواقع وبين من لم يصادف ، إلاّ أن يقال : إنّ ذلك إنما هو في المبغوضات العقلائية ، من حيث إنّ زيادة العقاب لأجل التشفّي المستحيل في حق الحكيم تعالى » ثم أمر بالتأمّل (٢).
وذكر أصحابه الشارحون لكلامه في وجه التأمل : إنه لبقاء اختلاف مرتبة الذم مع قطع النّظر عن جهة التشفي (٣).
فإذا كان ـ طاب ثراه ـ يجد من نفسه الفرق المذكور ، ولا يجزم بكونه لأجل التشفي ، فلا يعقل أن يكون له وجه سوى مدخلية الفعل المتجرّى به في قبح التجري وعقابه ، وظاهر لدى كل متأمّل منصف أنّ ذلك يستلزم ما ذكره صاحب الفصول لزوما بيّنا ، إذ يستحيل التساوي مع تفاوت ماله مدخلية فيه ، فلا بدّ أن يتفاوت التجرّي باختلاف المتجرّى به ، ويتم ما نقلنا من كلامه وما حذفناه ، كقوله :
« ويظهر أنّ التجرّي على الحرام في المكروهات الواقعية أشدّ منه في مباحاتها ، وهو فيها أشدّ منه في مندوباتها ، ويختلف باختلافها ضعفا وشدّة كالمكروهات ، ويمكن أن يراعى في الواجبات الواقعيّة ما هو الأقوى من جهاته وجهات التجرّي » (٤).
وأما ما ذكره من كون قبح التجرّي ذاتيا (٥) ، فلا ينافي ذلك ، لأن المراد
__________________
(١) ما بين الشرطتين من المصنف رحمه الله.
(٢) فرائد الأصول : ٥ ـ ٦.
(٣) منهم : الشيخ محمد حسن الآشتياني ـ قدس سرّه ـ في بحر الفوائد : ٢٢.
(٤) الفصول الغرويّة : ٤٣٢.
(٥) يعني الشيخ الأنصاري قدّس سره. انظر فرائد الأصول : ٦.