في عدم جواز التوضؤ بالماء القليل الذي أصابته يد قذرة ، وقد تقدمت الإشارة إليها آنفاً ، ومن جملتها : حسنة زرارة الواردة في الوضوءات البيانية حيث اشتملت على حكاية الإمام عليهالسلام عن وضوء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنه دعا بقعب فيه شيء من الماء ، وبعد ما حسر عن ذراعيه وغمس فيه كفه اليمنى قال : « هكذا إذا كانت الكف طاهرة » (١) فانّ مفهومها أن الكف إذا لم تكن طاهرة فلا يجوز التوضؤ بإدخالها في الماء القليل ، ولا وجه لمنعه إلاّ انفعال الماء القليل بملاقاة اليد المتنجسة ومقتضى إطلاقها أنه لا فرق في ذلك بين أن تكون الكف متنجسة بلا واسطة وبين ما إذا تنجّست مع الواسطة ، كما إذا تنجست يده بالمتنجس بلا واسطة ثم أدخلها في الماء القليل ، فان المتنجس بلا واسطة قد عرفت منجسيته فبملاقاته تكون الكف قذرة ، فاذا أدخلها في الإناء فيصح أن يقال : إن الماء لاقته كف غير طاهرة فتؤثر في انفعاله ولا يجوز شربه ولا التوضؤ به ، ثم ننقل الكلام إلى ما أصابه ذلك الماء المتنجس بواسطتين ونقول : إنه مما أصابه ما ليس بطاهر فينجس ولا يجوز التوضؤ به ولا شربه وهكذا.
والمناقشة في دلالتها بأن منعه عليهالسلام عن التوضؤ من الماء في مفروض المسألة غير ظاهر الاستناد إلى تنجيس المتنجس ، وذلك لاحتمال استناده إلى عدم جواز الغسل والتوضؤ من الماء المستعمل في رفع الخبث كما هو الحال في المستعمل في رفع الحدث الأكبر مع الحكم بطهارته في نفسه ، فان الماء يصدق عليه عنوان المستعمل بمجرّد إدخال اليد فيه ، وقد دلّت رواية ابن سنان على أن الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يتوضأ منه وأشباهه (٢) ، ولما ذكرناه بنوا على عدم جواز التوضؤ بماء الاستنجاء مع القول بطهارته ، فهذه الأخبار مجملة وغير قابلة للاستدلال بها على منجسية المتنجسات مطلقاً كما ناقشنا بذلك في بحث انفعال الماء القليل.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.
(٢) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣.