وجوب الإزالة انقطاع الدم ووقوفه عن السيلان ، كما أن مفهوم صدرها أن الجرح إذا لم يكن سائلاً لا عفو عنه ويجب غسله.
وفيه أوّلاً : أنّ الرواية ضعيفة بإرسالها ، لأنّ ابن أبي عمير نقلها عن بعض أصحابنا ولا ندري أنه ثقة ، ولعلّه من غير الثقة الذي علمنا برواية ابن أبي عمير عن مثله ولو في بعض الموارد ، فما في بعض العبائر من التعبير عنها بالموثقة مما لا وجه له.
وثانياً : الرواية لا مفهوم لصدرها حيث لم يقل : الجرح إذا سال فلا يغسله ، ليكون مفهومه أنه إذا لم يسل يغسله ولا عفو عنه وإنما قال : « إذا كان بالرجل جرح سائل » ومفهومه إذا لم يكن بالرجل جرح سائل فهو من السالبة بانتفاء موضوعها. نعم ، لو دلّ فإنما يدل عليه مفهوم القيد ، ونحن وإن قلنا بمفهوم الوصف في محله إلاّ أنه إذا لم يكن لإتيانه فائدة بحيث لولا دلالته على مدخلية الوصف في الحكم المترتب على موصوفه أصبح لغواً ظاهراً ، وليس الأمر في المقام كذلك لأنه إنما اتي لفائدة التمهيد والمقدمة لاصابة الدم الثوب التي هي المقصودة بالإفادة في قوله : « فأصاب ثوبه ... » أي سال حتى أصاب ثوبه ، فإنه لو لم يسل لم يصب الثوب طبعاً ، ولا دلالة معه للمفهوم كما أسلفناه في محله.
وثالثاً : المراد بالانقطاع في ذيلها هو الانقطاع المساوق للبرء فهو عطف توضيح وبيان لقوله حتى يبرأ ، ولم يرد منه الانقطاع المؤقّت بسدّ طريقه بشيء بحيث لو ارتفع لسال ، فإن الغاية إذا كانت هي انقطاعه مع بقاء الجرح بحاله لم يكن لذكر البرء قبل ذلك معنى صحيح ، فان المدار حينئذ على مجرد الانقطاع ولو من غير برء فما معنى ذكر البرء قبله ، فالرواية مطلقة من جهتي المشقة والسيلان ولا دلالة لها على اعتبارهما بوجه.
ومنها : مضمرة سماعة قال : « سألته عن الرجل به الجرح والقرح فلا يستطيع أن يربطه ولا يغسل دمه ، قال : يصلي ولا يغسل ثوبه كل يوم إلاّ مرة ، فإنه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كل ساعة » (١) فان الغسل كل ساعة إنما يكون مع السيلان وعدم الفترة في
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣٣ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٢.