فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي . وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة وعن حديث الجلوس على العرش . فقال أبو جعفر : أما أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه . فقالوا له : فقد ذكره العلماء في الإختلاف ، فقال : ما رأيته روي عنه ، ولا رأيت له أصحاباً يعول عليهم . وأما حديث الجلوس على العرش فمحال ثم أنشد :
سبحان من ليس له أنيس |
|
ولا له في عرشه جليس |
فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم ، وقيل كانت ألوفاً فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم . . . . إلى آخر القصة التي سنذكرها في مكانة المجسمين في مصادر إخواننا . . . .
ـ وقال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد ج ٤ ص ٣٩
قال القاضي : صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه إقعاده على العرش وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم . . . . وعبد الله بن الإمام أحمد . . . . إلخ . ثم قال ابن القيم : قلت : وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير . انتهى .
ولم يذكر ابن القيم عمن أخذه مجاهد ، ولا ذكر إهانة الحنابلة للطبري وإجبارهم إياه على القول بذلك !
ـ وقال ابن خلدون في تاريخه ج ٤ ص ٤٧٧
كانت مدينة بغداد قد
احتفلت في كثرة العمران بما لم تنته إليه مدينة في العالم منذ مبدأ الخليقة فيما علمناه ، واضطربت آخر الدولة العباسية بالفتن وكثر فيها المفسدون والدعار والعيارون من الرها ، وأعيا على الحكام أمرهم ، وربما أركبوا العساكر لقتالهم ويثخنون فيهم ، فلم يحسم ذلك من عللهم شيئاً ، وربما حدثت