معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو . . في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا إعجابنا بأعمال ذلك الراهب والفنان العظيم ، غير أنه ما لبث أن أضاف : ولكن ما من شئ هنا يبلغ مدى جمال توحيدنا الإسلامي ! لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل زيارتنا برفقة ذلك الرجل ، وأن نتابع معه نقاشاً ودياً . لقد تذوقت سلفاً في تلك المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام . والذي حاولنا أن نطوره منهجياً منذ المجمع .
من يطالع القرآن ، وكان ملماً بالعهدين القديم والجديد يتبين له جلياً ما وقع فيه للوحي الإلۤهي من اختزال . ومن المستجبل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته بلسان الأنبياء أولاً في العهد القديم ، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في العهد الجديد . إن الغنى الذي يتجلى في كشف الله لذاته والذي يشكل تراث العهدين القديم والجديد ، كل ذلك قد تغاضى عنه الإسلام بالفعل . ( ! )
إن القرآن يصف الله بأجمل ما عرفه اللسان البشري من الأسماء الحسنى ، ولكنه في النهاية ، إلۤه متعال عن العالم ، ذو جلال ، لا ( إلهنا معنا ) عمانوئيل .
ليس الإسلام دين فداء فلا مجال فيه للصلب ! يذكر عيسى ، ولكن ليس إلا بوصفه نبياً ، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد . كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول ، ولكن لا ذكر لمأساة الفداء .
لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية ، لا على الصعيد اللاهوتي فحسب ، بل أيضاً على الصعيد الانتروبولوجي .
بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير ، فلا يمكننا مثلاً إلا نعجب بالأمانة على الصلاة . إذ أن الذي يسمي الرب ( الله ) يجثو على ركبته غير آبه بالزمان أو بالمكان ، مستغرقاً في الصلاة مرات عديدة في النهار . هذه الصورة تبقى نموذجاً لمن يعترفون بالله الحق ، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم الرائعة ويصلون قليلاً أو لا يصلون مطلقاً . . . . ) انتهى .