ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر . والنضرة مثل البهجة والطلاقة ، وضده العبوس والبسور ، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من النور علامة للخلق ، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب .
وقوله : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه أن يصل إليهم .
وقيل ( ناضرة ) أي مشرفة ( إلى ) ثواب ربها ( ناظرة ) وليس في ذلك تنغيص ، لأن الإنتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج إليه في الحال ، والمؤمنون بخلاف ذلك ، لأنهم في الحال مستغنون منعمون ، وهم أيضاً واثقون أنهم يصلون إلى الثواب المنتظر .
والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلباً للرؤية ، ويكون النظر بمعنى الإنتظار ، كما قال تعالى ( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ ، أي منتظرة ، وقال الشاعر :
وجوه يوم بدر ناظرات |
|
إلى الرحمن تأتي بالفلاح |
أي منتظرة للرحمة التي تنزل عليهم .
وقد يقول القائل : إنما عيني ممدودة إلى الله وإلى فلان ، وأنظر إليه أي أنتظر خيره ونفعه وأؤمل ذلك من جهته ، وقوله : وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، معناه لا ينيلهم رحمته .
ويكون النظر بمعنى المقابلة ، ومنه المناظرة في الجدل ، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة ، ويقال : دور بني فلان تتناظر أي تتقابل ، وهو وينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره ، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلاً ، بدلالة أنهم يقولون : نظرت إلى الهلال فلم أره ، فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضاً ، ولأنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون : ما زلت أنظر إليه حتى رأيته ، ولا يجعل الشئ غاية لنفسه لا يقال : بما زلت أراه حتى رأيته ، ويعلم الناظر ناظراً ضرورة ، ولا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا .