ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن إنكاره إنكار الكتب السماوية والسنن النبوية والآثار الولوية ، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير السايرين وسلوك السالكين ، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب ، كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، أي ليعرفون ، وفي الحديث القدسي : فخلقت الخلق لأعرف ، فالكتاب المجيد الذي هو تنزيل من حكيم حميد مشحون منه قال تعالى من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت . يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك . شهد الله أنه لا إلۤه إلا هو والملائكة وأولوا العلم . والشهادة بالوحدانية فرع الشهادة بالوجود وشهوده ، وهكذا كل آية مشتملة على ما دل على الشهود حتى لفظ الإيمان باعتبار بعض درجاته العالية . . . .
قال سيد الأولياء عليهالسلام : لم أعبد رباً لم أره . ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله أو معه .
وقال ابنه سيد الشهداء عليهالسلام : عميت عين لا تراك .
وقال أيضاً : تعرفت بكل شئ فما جهلك شئ . تعرفت إليَّ في كل شئ فرأيتك ظاهراً في كل شئ ، فأنت الظاهر لكل شئ .
وليكف هذا اليسير من الكثير لأن كل أشراك مقالاتهم وحبايل تحريراتهم لاصطياد هذا الصيد العديم المثال ، فتمام سهام قصودهم واقعة على هذا الغرض الرفيع المنال ، وحيث حملنا الرؤية على الشهود فلا تخصيص له بالآخرة ، فإن أبناء اليقين لموتهم الإرادي قبل موتهم الطبيعي وفنائهم عن ذواتهم قامت قيامتهم ورأوا ما رأوا ، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى :
روى الشيخ الصدوق رحمهالله عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن الله تعالى هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال : نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة ، فقلت متى
؟ قال : حين قال ألست بربكم قالوا بلى . ثم سكت ساعة ثم قال : وإن المؤمنين يرونه في الدنيا قبل يوم القيامة . ألست تراه في وقتك هذا قال أبو بصير فقلت : جعلت