خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شئ ، وتستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرة بعد مرة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه ، لأنه غني عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش لأنه ليس بجسم ، تعالى الله عن صفة خلقه علواً كبيرا .
وأما قوله عز وجل : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، فإنه عز وجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الإمتحان والتجربة ، لأنه لم يزل عليماً بكل شئ .
فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك .
ـ التوحيد للصدوق ص ٣٢١
باب العرش وصفاته .
حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهالله قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العرش والكرسي فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة . فقوله : رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، يقول : الملك العظيم ، وقوله : الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك لكيفوفية الأشياء .
ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي ، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعاً غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة ، وعلم الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : رب العرش العظيم ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان .