هو المشهور فيما بينهم ، أو عبارة عن جعل اللفظ علامة للمعنى ومبرزاً له كما هو الصحيح. فعلى التقديرين لا يعقل استعمال الشيء في نفسه ، ضرورة استحالة فناء الشيء في نفسه وجعل الشيء علامة لنفسه ، فانّهما لا يعقلان إلاّبين شيئين متغايرين في الوجود.
وقد تلخّص من ذلك : أنّ اتحاد الدال والمدلول في الدلالة اللفظية غير معقول.
ومن هنا يظهر أنّ قياس المقام بدلالة ذاته تعالى على ذاته قياس مع الفارق ، فان سنخ تلك الدلالة غير سنخ هذه الدلالة ، إذ أنّها بمعنى ظهور ذاته بذاته وتجلّي ذاته لذاته ، بل ظهور جميع الكائنات بشتى ألوانها وأشكالها من الماديات والمجردات بذاته تعالى ، وهذا بخلاف الدلالة هنا فانّها بمعنى الانتقال من شيء إلى شيء آخر.
فعلى ضوء ذلك يظهر أنّ إطلاق اللفظ وإرادة شخصه لا يكون من قبيل الاستعمال في شيء ، فانّ المتكلم بقوله : زيد ثلاثي مثلاً لم يقصد إلاّ إحضار شخص ذلك اللفظ في ذهن المخاطب وهو بنفسه قابل للحضور فيه ومعه لا حاجة إلى الواسطة كما مرّ آنفاً (١).
وقد يشكل على هذا بأنّ لازم ذلك تركب القضية الواقعية من جزأين ، فانّ القضيّة اللفظية تحكي بموضوعها ومحمولها ونسبتها عن القضيّة الواقعية ، وحيث قد فرض أنّه لا موضوع في المقام للقضيّة الواقعية في قبال القضيّة اللفظية ، فليس هناك بحسب الفرض غير المحمول والنسبة ، مع أنّ تحقق النسبة بدون الطرفين محال ، هذا.
__________________
(١) في ص ١٠٧.