وطالب الضالة ، وطالب الحق ، وما شاكل ذلك ، والسبب فيه : أنّ مادة الأمر ـ بما لها من معنى ـ لا تصدق على الحصّة الثانية وهي المتعلقة بفعل نفس الانسان ، وهذا قرينة قاطعة على أنّها لم توضع للجامع بينهما. ومن هنا يظهر أنّ النسبة بين الأمر والطلب عموم مطلق.
وثانيهما : الشيء الخاص ، وهو الذي يتقوّم بالشخص من الفعل أو الصفة أو نحوهما في مقابل الجواهر وبعض أقسام الأعراض ، وهي بهذا المعنى قد تنطبق على الحادثة ، وقد تنطبق على الشأن ، وقد تنطبق على الغرض وهكذا.
الدليل على ما ذكرناه أمران :
أحدهما : أنّ لفظ الأمر بمعناه الأوّل قابل للتصريف والاشتقاق ، فتشتق منه الهيئات والأوزان المختلفة ، كهيئة الماضي ، والمضارع ، والفاعل ، والمفعول ، وما شاكلها ، وهذا بخلاف الأمر بمعناه الثاني حيث إنّه جامد فلا يكون قابلاً لذلك.
وثانيهما : أنّ الأمر بمعناه الأوّل يجمع على أوامر ، وبمعناه الثاني يجمع على امور ، ومن الطبيعي أنّ اختلافهما في ذلك شاهد صدق على اختلافهما في المعنى.
وعلى ضوء هذا قد اتّضح فساد كلا القولين السابقين : الاشتراك اللفظي ، الاشتراك المعنوي.
أمّا الأوّل : فقد عرفت أنّ جميع المعاني المشار إليها آنفاً ليست من معاني الأمر على سبيل الاشتراك اللفظي ، كيف فان استعماله فيها غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم ، فضلاً عن كونه موضوعاً بازائها ، ومن هنا لا يكون المتبادر منه عند الاطلاق وعدم نصب قرينة على إرادة الخلاف إلاّ أحد المعنيين السابقين لا غير.
وأمّا الثاني ، فلعدم تصور جامع ماهوي بينها ليكون موضوعاً له.