وقد خفي على بعض الأساطين (١) حيث قد أورد على شيخنا الاستاذ قدسسره بما حاصله : هو أنّ ما يؤخذ مفروض الوجود في مقام الجعل إنّما هو موضوعات التكاليف وقيودها ، لا قيود الواجب ، لوضوح أنّ قيود الواجب كالطهارة في الصلاة مثلاً واستقبال القبلة وما شاكلهما ، يجب تحصيلها على المكلف ، وذلك لأنّ الأمر المتعلق بالصلاة قد تعلّق بها مقيدةً بهذه القيود ، فكما يجب على المكلف تحصيل أجزائها يجب عليه تحصيل قيودها وشرائطها أيضاً.
وهذا بخلاف موضوعات التكاليف حيث إنّها قد اخذت مفروضة الوجود في الخارج فلايجب على المكلف تحصيلها ولو كانت اختيارية كالاستطاعة بالاضافة إلى وجوب الحج وما شاكلها.
وبعد ذلك قال : إنّ قصد الأمر ليس من قيود الموضوع حتّى يؤخذ مفروض الوجود خارجاً ، بل هو قيد الواجب وكان المكلف قادراً عليه ، فعندئذ حاله حال بقيّة قيود الواجب كالطهارة ونحوها فيجب تحصيله ولا معنى لأخذه مفروض الوجود.
ولنأخذ بالنقد على ما أفاده قدسسره أمّا ما أفاده من حيث الكبرى من أنّ قيود الواجب يجب تحصيلها دون قيود الموضوع ففي غاية الصحّة والمتانة ، إلاّ أنّ المناقشة في كلامه إنّما هي في تطبيق تلك الكبرى على ما نحن فيه ، وذلك لأنّ المحقق النائيني قدسسره لم يدّع أنّ قصد الأمر من قيود الموضوع وأ نّه لابدّ من أخذه مفروض الوجود في مقام الجعل حتّى يرد عليه الاشكال المزبور ، بل إنّما يدّعي ذلك بالاضافة إلى نفس الأمر المتعلق للقصد ، والمفروض أنّ الأمر خارج عن اختيار المكلف حيث إنّه فعل اختياري للمولى ، له أن يأمر
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٢٣٧.