أخذه مفروض الوجود في مقام الانشاء والخطاب ، وإلاّ لزم التكليف بغير المقدور ، وهو مستحيل.
فالنتيجة : أنّ أخذ القيد مفروض الوجود في مرحلة الجعل والانشاء إنّما يقوم على أساس أحد هذين الأمرين فلا ثالث لهما ، وأمّا في غير هذين الموردين فلا موجب لأخذه مفروض الوجود أصلاً ، ولا دليل على أنّ التكليف لا يكون فعلياً إلاّبعد فرض وجوده في الخارج. ومن هنا قد التزمنا بفعلية الخطابات التحريمية قبل وجودات موضوعاتها بتمام القيود والشرائط فيما إذا كان المكلف قادراً على إيجادها. مثلاً التحريم الوارد على شرب الخمر فعلي وإن لم يوجد الخمر في الخارج إذا كان المكلف قادراً على إيجاده بايجاد مقدّماته ، فلا تتوقف فعليته على وجود موضوعه.
والسرّ في ذلك : ما عرفت من أنّ الموجب لأخذ القيد مفروض الوجود إمّا الظهور العرفي ، أو الحكم العقلي ، وكلاهما منتف في أمثال المقام.
أمّا الأوّل ، فلأنّ العرف لا يفهم من مثل « لا تشرب الخمر » أنّ الخمر اخذ مفروض الوجود في الخطاب بحيث تتوقف فعلية حرمة شربه على وجوده في الخارج فلا حرمة قبل وجوده ، بل المتفاهم العرفي من أمثال هذه القضايا هو فعلية حرمة الشرب مطلقاً وإن لم يكن الخمر موجوداً إذا كان المكلف قادراً على إيجاده بما له من المقدّمات ، وهذا بخلاف المتفاهم العرفي من مثل قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) كما عرفت.
وأمّا الثاني ، فلأنّ المفروض تمكن المكلف من إيجاده ، وفي مثله لا يحكم العقل بأخذه مفروض الوجود.
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.