الكلامية ، وأمّا على رأينا فله واقع في عالم المفهوم وثابت فيه كالمعنى الاسمي ، غاية الأمر بثبوت تعلقي لا استقلالي.
ويمتاز عن القول بأنّ الحروف وضعت بازاء النسب والروابط في نقطة واحدة أيضاً ، وهي أنّ المعنى الحرفي على ذلك الرأي سنخ وجود خارجي ، وهو وجود لا في نفسه ، ولذا يختصّ بالجواهر والأعراض ولا يعمّ الواجب والممتنع ، وأمّا على رأينا فالمعنى الحرفي سنخ مفهوم ثابت في عالم المفهومية ويعمّ الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد.
ويمتاز عن القول بأنّ الموضوع لها الحروف هي الأعراض النسبية في نقطتين :
النقطة الاولى : أنّ المعنى الحرفي على ذلك الرأي مستقل بالذات ، وأمّا على رأينا فهو غير مستقل بالذات.
النقطة الثانية : أنّ المعنى الحرفي على ذلك الرأي سنخ معنى يخصّ الجواهر والأعراض ولا يعمّ غيرهما ، وأمّا على رأينا فهو سنخ معنى يعمّ الجميع ، هذا تمام الكلام في القسم الأوّل من الحروف.
وأمّا القسم الثاني من الحروف : وهو ما يدخل على المركبات التامة أو ما في حكمها ـ كمدخول حرف النداء ، فانّه وإن كان مفرداً إلاّ أنّه يفيد فائدة تامة ـ فحاله حال الجمل الانشائية ، بيان ذلك : أنّ الجمل على قسمين : أحدهما :
إنشائية. والثاني : خبرية ، والمشهور بينهم أنّ الاولى موضوعة لايجاد المعنى في الخارج ، ومن هنا فسّروا الانشاء بايجاد ما لم يوجد. والثانية موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه.
والصحيح ـ على ما سيأتي بيانه (١) ـ أنّ الجملة الانشائية وضعت للدلالة
__________________
(١) في ص ٩٧.