ويدل عليه قوله تعالىٰ : ( .. فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً .. ) (١).
يقول العلّامة الطباطبائي في معرض تفسيره للآية المتقدمة : (والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلاشك ، فإنّ الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأول من عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الهجرة علىٰ ما يشهد به معظم آياتها ، وهذا النكاح ـ أعني المتعة ـ كان دائراً بينهم معمولاً عندهم في هذه البرهة من الزمن من غير شك ، وقد أطبقت الأخبار علىٰ تسلّم ذلك ، وأصل وجوده بينهم بمرأىٰ من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومسمع منه لاشكّ فيه ، وكان اسمه هذا الاسم ، ولا يعبّر عنه إلّا بهذا اللفظّ ، فلا مناصّ من كون قوله تعالىٰ : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) محمولاً عليه مفهوماً منه هذا المعنىٰ.. وجملة الأمر أنَّ المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة ، وهو المنقول عن القدماء من مفسري الصحابة والتابعين كابن عباس وابن مسعود وأُبيّ بن كعب وقتادة ومجاهد والسدّي وابن جبير والحسن وغيرهم ، وهو مذهب أئمة أهل البيت عليهمالسلام) (٢).
ويمكننا أن ننظر إلىٰ هذا النوع من الزواج ـ الذي يحاول البعض إثارة الجدل حوله ـ من زاوية العقل ، فالملاحظ أنّ الناس ليس كلهم بقادر علىٰ الزواج الدائم سيّما في هذا العصر لأسباب اقتصادية ، أو اجتماعية ، أو نفسية أو غيرها. فيدور الأمر بين ثلاثة أمور : إما الكبت الجنسي الموجب لأمراض خطيرة ، وإما الفساد والرذيلة الذي يؤدي إلىٰ تفكك بناء العائلة والمنظومة الاجتماعية وامتهان الكرامة الإنسانية ، وانعدام النسل السليم وانتشار الأمراض ، وإما
________________
١) سورة النساء : ٤ / ٢٤.
٢) تفسير الميزان ٤ : ٢٧١ ـ ٢٧٢.