وقد أولىٰ الأئمة من عترة المصطفىٰ عليهمالسلام عناية خاصة لمسألة اختيار الزوجة ، وكانوا مع سموّ مقامهم ورجاحة عقلهم وكثرة تجاربهم ، يستشيرون الآخرين في هذا الشأن ، ومن الشواهد الدالة علىٰ ذلك ، أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام بعد وفاة فاطمة عليهاالسلام : (لما أراد أن يتزوّج قال لأخيه عقيل : « انظر لي امرأة قد أولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوَّجها فتلدُ لي غلاماً فارساً ». وفكَّر عقيل قليلاً ثم قال لأخيه : تزوج أمُّ البنين الكلابية ، فإنَّه ليس في العرب علىٰ وجه الإطلاق أشجع من آبائها.. وصار عقيل يُعدِّد أمجاد أعمام وأخوال أمُّ البنين ، فخطبها الإمام وتزوَّجها.. وأنجبت أمُّ البنين من الإمام أربعة ذكور.. هم : العبّاسُ ، وعبدالله ، وجعفر ، وعثمان) (١).
وكان أهل البيت عليهمالسلام يسدون النصيحة المخلصة لكلِّ من استشارهم في هذا الشأن ، فعندما استشار داود الكرخي الإمام الصادق عليهالسلام قائلاً له : إنَّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، قال الإمام عليهالسلام : « اُنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه علىٰ دينك وسرّك ، وأمانتك فإن كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلىٰ الخير وإلىٰ حسن الخلق » (٢).
وما يبدو مثيراً للاهتمام أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الأطهار عليهالسلام يقدمون رؤيتهم المعرفية للشباب التي تكشف النقاب عن طبائع النساء ، وسوف نسلط الضوء علىٰ هذا المطلب قبل الخوض في تفاصيل مواصفات الزوجة الصالحة :
________________
١) العباس بن علي ـ سلسلة عظماء الإسلام ، محمد كامل المحامي : ٢٠ ـ ٢٣ منشورات المكتب العالمي للطباعة ـ بيروت ١٩٨٠ م ط ٣.
٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٤٤ باب اصناف النساء.