زوايا الدار أو المسجد للعبادة والنسك ويترك زوجته وأطفالها عرضة لعوامل الفقر والفاقة ، كما لا يرتضي أن يكون غنياً في غاية الثراء ولكن لا رصيد له من الفضيلة والعفة.
كان أمير المؤمنين علي عليهالسلام لما خطب فاطمة عليهاالسلام فقيراً حتىٰ إنّ نساء قريش قد عيّرنها بفقره ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما ترضين يا فاطمة أن زوجتك أقدمهم سلماً ، وأكثرهم علماً ، إن الله تعالىٰ أطلع إلىٰ أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك فجعله نبياً ، وأطلع إليهم ثانية فاختار منهم بعلك فجعله وصياً ، وأوحىٰ الله إليَّ أن أنكحك إياه .. » فضحكت فاطمة عليهاالسلام واستبشرت.. (١).
هذا الموقف الذي سجّله التاريخ بسطور من نور ، يُعطي الشباب درساً في الاختيار السليم لكي يضعوا نصب أعينهم الكفاءة المعنوية ويمنحوها الأولوية.
وما تقدم شاهد عملي من السُنّة علىٰ أهمية مراعاة الكفاءة بين الزوجين ، وليست الكفاءة منوطة بزخرف الحياة المادية بقدر ما تتحقق بالتماثل والتشابه من السجايا والطباع ، وقد (أعربت عن ذلك زوجة معاوية ، وقد سئمت في كنفه مظاهر الترف والبذخ والسلطان والثراء ، وحنّت إلىٰ فتىٰ أحلامها ، وإن كان خلواً من كلِّ ذلك ـ فقد كانت مطلّقة وتزوّجت من معاوية ، فلم تذق معه طعم السعادة ولم ترضَ عن أخلاقه ـ فأنشدت :
لبيت تخفق الأرواح فيه |
|
أحبُّ إليَّ من قصـر منيف |
ولبس عباءة وتقر عيني |
|
أحبُّ إليَّ من لبس الشفوف |
________________
١) الارشاد / الشيخ المفيد : ٢٤.