والضغينة التي قد تجد متنفساً لها في إثارة المشاكل لأهل المرأة من طرف الزوج الذي يحس بالاجحاف والتعسف ، فيُبيّنت نية السوء لالحاق الأذىٰ بالمرأة وأهلها فيما بعد ، ومن أجل ذلك قال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تياسروا في الصداق ، فإن الرّجل ليعطي المرأة حتىٰ يبقىٰ ذلك في نفسه عليها حسيكة » (١).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا تغالوا في مهور النساء فيكون عداوة » (٢).
وهنا يبدو من الضرورة بمكان الاشارة إلىٰ أن الإسلام يحثُّ علىٰ عدم تجاوز السُنّة المحدّدة للصداق ، وهي خمسمائة درهم ، يقول السيد محسن العاملي : (إنَّ الروايات مختلفة في قدر مهر الزهراء عليهاالسلام والصواب أنَّه كان خمسمائة درهم ، اثنتي عشرة أوقية ونصفاً ، والاُوقية أربعون درهماً ؛ لأنه مهر السُنّة كما ثبت من طريق أهل البيت عليهمالسلام) (٣).
والظاهر أن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد من تحديده لمهر الزهراء عليهاالسلام بهذا المقدار ، أن يضع حداً مثالياً يمثل الحل النسبي والوسط الذي ينسجم مع العقل والمنطق لقضية الصداق ، خصوصاً إذا ما علمنا بأن اليد الغيبية كانت من وراء تحديد مهر الزهراء عليهاالسلام ، فعن جابر الانصاري قال : (لما زوّج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام من علي عليهالسلام أتاه أُناس من قريش فقالوا : إنّك زوَّجت عليّاً بمهر خسيس ، فقال : ما أنا زوّجت عليّاً ، ولكن الله زوّجه) (٤).
وبنظرة فاحصة نجد أن الإسلام عالج هذه القضية بمنتهىٰ المرونة إذ إنّه لم يجعل
________________
١) كنز العمال ١٦ : ٣٢٤ / ٤٤٧٣١.
٢) مكارم الأخلاق : ٢٣٧.
٣) في رحاب أئمة أهل البيت عليهمالسلام ١ : ١٦٢ ـ ١٦٣ دار التعارف ط ١٤٠٠ هـ.
٤) مكارم الأخلاق : ٢٠٨.