العشرين ، بل كان بعضهم يأخذ علىٰ الشريعة أنها جاءت مقررة لحق الطلاق ، ثم دار الزمن دورته وجاء عصر العلوم والرقي ، وتقدمت نظم الاُمم وتفتحت العقول ، فرأىٰ العلماء الاجتماعيون والمفكرون في الغرب أن تقرير حق الطلاق نعمة علىٰ المتزوجين ، وأنه الطريق الوحيد للخلاص من الزواج الفاشل ومن سوء العشرة وما ينتج عنها من الآلام النفسية ، وإن الطلاق هو الذي يحقق سعادة الزوجين إذا فشل الزواج في تحققها ، ولا يكاد اليوم يخلو قانون وضعي من قوانين الاُمم المتحضرة من النص علىٰ الطلاق والاعتراف به (١).
وهكذا بدأ العالم بعد ثلاثة عشر قرناً يعترف ـ ضمناً ـ بواقعية المنهج الإسلامي في الطلاق ويأخذ به ، ومع اعتراف النظم الوضعية ـ مؤخراً ـ بحق الطلاق فإنّ الذي يؤاخذ عليها جانب الإفراط والتفريط فيه ، فطائفة منها تجرّد عقد الزواج مما له من حرمة ، فتقبيح الطلاق لأتفه الأسباب ، كما هو الشأن في بعض ولايات أمريكا الشمالية والدول الاسكندنافية كالسويد ، وطائفة اُخرىٰ تشدد كل التشديد علىٰ ديمومة عقد الزواج متأثرة بروح الكنيسة ، فلا تكاد تبيح التحلل منه إلّا في حالات محدودة ، كفضيحة تلحق الاُسرة في حاضرها ومستقبلها ، وتتّبع من أجل إنهائه إجراءات معقدة لا تؤدي إلىٰ الطلاق إلّا بعد أمدٍ طويل كما هو الحال في فرنسا ومعظم الدول الكاثوليكية ، فهذه بغت حدّ التفريط ، وتلك بلغت حدّ الإفراط الأمر الذي يبعدهما عن الواقعية.
علىٰ أن الأكثر إثارة في هذا الصدد أن العلمانية «لا تجوّز للرجل أن يطلّق زوجته إلّا في حالة الزنا ، وهنا لا يجوز للزوجين الزواج بعده مرة
________________
١) اُنظر : التشريع الجنائي الإسلامي / عبدالقادر عودة : ٦٥.