أُثيب على نيّته ما بقيت ، وإن كان الحائل حينئذٍ الموت بأن مات ناوياً لفعلها ما أمكنه أُثيب على نيّته أبداً. بل إن كان المنويّ هو الإيمان وما يتحقّق به من الأعمال ، خلّد بنيّته في ثواب عمله ؛ لأن النيّة من أعمال القلوب التي هي مقرّ العقائد وهياكل التوحيد التي لا تفنى ؛ لأن التوحيد الذي هي صفته لا يفنى ، فهي حينئذٍ كلّيّة ومنويّها كلّيّ متحقّق معها.
ويدلّ على ثبوت استمرار الثواب والعقاب على استمرار ثبوت النيّات خبر أبي هاشم : قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنما خلِّد أهل النار في النار ؛ لأن نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خُلِّدوا (١) فيها أن يعصوا الله أبداً ، وإنما خُلِّد أهل الجنَّة في الجنَّة ؛ لأن نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلِّدوا فيها أن يطيعوا الله أبداً ، فبالنيّات خُلِّد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى ـ : ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ ) (٢) (٣).
والوجه أن تلك النيّات عمل القلب ، فهي كلّيّات ومنويّها كلّيّ لا يفارقها ، فهما دائمان ، وما استمر العمل استمر الجزاء.
وغيره من الأخبار (٤).
وإن كان تركه لما نواه من الواجب ، لا لمانع قهريّ بل عصياناً ، عُوقبَ على ذلك ، ولم يكتب له أجر النيّة وخصوصاً إذا كان عن استخفافٍ بأوامر الله ؛ لأنه [ أطفأ ] (٥) نور نيّته بتركه ما نوى من الواجب وعصيانه.
وإن كان ما هَمّ به ونواه من الحسنة مندوباً ؛ فإن فعلها أُثيب على نيّته وعمله بفضل رحمة الله ، وإن لم يعملها ، ولم يكن تركه لها عن استخفاف وتهاون بأوامر الله ورغبة عن ثوابهِ أُثيب على نيّته للحسنة ، واستمرّ ثوابه على نيّته إذا مات ناوياً أنه يعملها ما بقي.
__________________
(١) في المصدر : « بقوا » بدل : « خلِّدوا ».
(٢) الإسراء : ٨٤.
(٣) الكافي ٢ ؛ ٨٥ / ٥ ، وسائل الشيعة ١ : ٥٠ ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب ٦ ، ح ٤.
(٤) عطف على قوله : ( خبر أبي هاشم ) المارّ ذكره.
(٥) في المخطوط : ( أطفى ).