في المثال الأوّل والثاني ما بقي من النهار ، كما لا يخفى.
وهكذا ذكر أرباب هذه الصناعة. وعندي فيه مناقضة ، وهي أنه لو تمّ هذا القانون لزم منه الحكم بمضيّ نصف النهار قبل الزوال ، وهو باطل.
بيان ذلك : أنا لو فرضنا أن المقياس طوله ثمانية ، وامتداد ظلّه خمسة ، وظلّ نصف النهار إصبعاً كان الباقي بعد الجمع والنقص اثني عشر ، وبعد القسمة يكون الخارج ستّ ساعات ، وقد فرضنا أن الزوال لا يكون إلّا بعد بلوغ ظلّ المقياس إصبعاً والفرض أن ظلّه خمسة ، وكان الوقت المفروض فيه ذلك قبل الزوال لافتقاره إلى أربعة أصابع اخرى ، واللازم من القاعدة مضيّ ستّ ساعات من النهار ، ولا يخفى عليك بطلانه.
والأولى الرجوع في ذلك إلى طريق اخرى ، ولا بدّ فيها من تحصيل مقدّمات كثيرة مجملها أن تعرف أن الليل والنهار مقسومان بأربع وعشرين ساعة مستقيمة ، كما في يومي الاعتدال ، وكلّ يوم يزيد في أحدهما شعيرة وهي سهم من ثلاثين سهماً من ساعة وينقص من الآخر ، فتكمل زيادة أحدهما ونقصان الآخر في كلّ عشرة أيام ثلث ساعة ، وفي الثلاثين ساعة كاملة ، وبعد تقدير الشعيرة بأمر مضبوط مثل خروج مقدار من الرمل أو الماء من ثقب معلوم بقدر الشعيرة ، ومعرفة اليوم الذي أنت فيه كم شعيرة هو ، وامتحان اليوم من طلوع شمسه أو زوال يومه ، يظهر لك القدر المطلوب استعلامه ، وهذا الطريق جارٍ في أجزاء الليل والنهار.
وأمّا طريق معرفة آناء الليل ، فقد ذكروا لذلك طريقين :
الاولى : جعل طلوع القمر وأُفوله دليلاً على الماضي والباقي ، فأمّا في النصف الأوّل منه فيحسب الماضي من الشهر من ليلة الرؤية ، ثمّ اضرب المجتمع في ستّة ، وأسقط المجتمع سبعة سبعة فتجعل كلّ سبعة لساعة ، وما بقي فأضفه كسراً على الصحاح.
مثاله : مضى من الشهر ثلاث ليالٍ مثلاً ، فإذا ضربتها في ستّة فخارج قسمتها على