الأُوليين وأنصت لقراءته ، ولا تقرأن شيئاً في الأخيرتين ، فإن الله عزوجل يقول للمؤمنين ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) يعني في الفريضة خلف الإمام ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (١) والأخيرتان تبع للأُوليين (٢).
ووجه ذلك أنه قد ساوى بين الأُوليين والأخيرتين في الحكم معاً أعني في المنع من القراءة ووجوب الإنصات حتّى جاء في رواية ( السرائر ) (٣) بدل ولا تقرأن شيئاً ولا تقولنّ شيئاً ، ثمّ أكّده بقوله والأخيرتان تبع للأُوليين ، فهذه شاهدة بالمساواة.
وربّما يجاب عن هذا الاستدلال بأن هذه التبعيّة إنما كانت في تحريم القراءة خلف الإمام لا في وجوب الإنصات ؛ ولهذا اقتصر على قوله ولا تقرأن شيئاً في الأخيرتين ولم يتبعها بقوله وأنصت لقراءته كما أتبعها في الأُوليين ، فيكون قوله والأخيرتان تبع للأُوليين دليلاً على المنع من القراءة خلفه لا غير ، وليس فيه تعرّض للإنصات ، فلا يكون دالّاً على الجهر في الأخيرتين تبعاً للأُوليين ، انتهى وهو حسن.
ولكنّا في غَناء عنه ؛ لتفرّده بهذا القول ، وخرقه الإجماع ، ولأنه مردود بالأخبار الدالّة على الإخفات في الأخيرتين مطلقاً ، أمّا الجهر فيتحقّق بتحقّقه في جزء من غيرهما ؛ لأنه إثبات ، وخرج جواز الأمرين في سائر الأذكار بدليل.
وقريب منهما ما في ( المحاسن ) في مسائل اليهود للنبيّ صلىاللهعليهوآله : في علّة الجهر في ثلاث فرائض ، والإخفات في اثنتين.
وقريب من ذلك صحيحة عبد الله بن سنان أنه قال إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتّى يفرغ ، وكان الرجل مأموناً على القراءة (٤) ، فلا تقرأ خلفه في الأُوليين.
وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين.
قلت : أيّ شيء تقول أنت؟ قال أقرأ فاتحة الكتاب (٥).
فإنه أثبت صلاة لا يجهر فيها الإمام أصلاً حتّى يفرغ.
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ وسائل الشيعة ٨ : ٣٥٥ أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ٣.
(٣) السرائر ٣ : ٥٨٥.
(٤) من المصدر : ( القرآن ).
(٥) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٥ / ١٢٤ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢٦ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ١٢.