فإن قلت : ذلك مخصوص بالقراءة.
قلت : الفرق بين القراءة والتسبيح في الأخيرتين شاذّ ، بل الظاهر أنه حادث في عصرنا ولا دليل عليه أصلاً ، كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى ، ولا فارق بين أخيرتي الظهرين وغيرهما.
ومنها : صحيحة ابن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام : عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام ، أقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ قال إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس (١) ، فإن ظاهره أن هناك ركعتين معهودتين لا يعهد فيهما للإمام بالجهر ، وإنما حملنا الصمت فيهما على الإخفات للنصّ (٢) والإجماع على وجوب القراءة له في الأُوليين ، والقراءة والتسبيح في الأخيرتين.
قال الشيخ حسين : ( الركعتان اللتان يصمت فيهما يبعد حملهما على الأُوليين ؛ لأنه لا يستمر على الصمت فيهما ؛ لأنهما يكونان جهريّتين تارة وإخفاتيّتين اخرى. مع أنه اشتمل على ما يؤيّد كونهما الأخيرتين ، وهو قراءة الحمد وحدها ، وهو وظيفة الأخيرتين ، ولا ينافيه قوله
إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس
؛ لأنه مخيّر بين القراءة والتسبيح ، فيحمل السكوت على ترك القراءة خاصّة دون التسبيح بقرينة المقابلة ) ، انتهى.
ويدلّ عليه قيام النصّ (٣) والإجماع على عدم جواز سكوت المأموم في الأخيرتين بالكلّيّة ، ويحتمل ما هو أعمّ من الأخيرتين مطلقاً وأُوليي الظهرين ، ويحتمل اختصاصه بهما بقرينة الرخصة في السكوت بأن نحمله على ظاهره.
ومنها : صحيح أبي خديجة : عن أبي عبد الله عليهالسلام : أنه قال إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأُوليين ، وعلى الذين من خلفك أن يقولوا : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله والله أكبر ، وهم قيام. فإذا كانوا في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرءوا فاتحة
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٩٦ / ١١٩٢ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ١٣.
(٢ و ٣) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٦٢ أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٦.