وصحيح بكر بن محمّد (١) : أيضاً عن أبي عبد الله عليهالسلام : مثل حديثه الأوّل (٢) ، وصحيحه أيضاً عنه عليهالسلام مثله (٣).
ومنها : قويّة أبي بصير : قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليهالسلام ، فلمّا كان في آخر تشهّده رفع صوته حتّى أسمعنا ، فلمّا انصرف قلت : كذا ينبغي للإمام أن يسمع تشهّده من خلفه. قال نعم (٤).
فإن فحواه ، بل ظاهره أنه عليهالسلام أخفت بجميع صلاته ، وإنما جهر بالتشهّد أو بالتشهّد الأخير أو بآخر تشهّده.
قال الشيخ علي المقابي : ( وكيف كان ، فالخبر ظاهر ، بل صريح في أنه عليهالسلام قبل تشهّده الأخير أو قبل آخر تشهّد لم يسمعهم شيئاً ، ويلزم من ذلك أنه لم يجهر ، وكون هذا الكلام ممّا يدلّ صريحاً على أنه عليهالسلام قبل ذلك لم يسمعهم ممّا لا يحتمله الريب ؛ لأنه أمر جليّ متبادر لمن له أدنى معرفة بأساليب كلام الفصحاء ، فيكون مفاد الخبر أنه عليهالسلام قَبلُ لم يُسمعهم شيئاً ، والجهر لازم للإسماع ) ، انتهى.
فهذه الأخبار وأمثالها دليل على وجوب الإخفات للإمام والمنفرد في الأخيرتين ، وحكم المأموم معلوم. وهذا كلّه ، مضافاً إلى أن الإخفات فيهما مطلقاً قرأ أو سبّح المصلّي هو المعروف من المذهب فتوًى وعملاً في سائر الأزمان والأصقاع. وهذا كلّه ، مضافاً إلى ما ادّعاه ابن زهرة في ( الغنية ) من الإجماع قال : ( ويجب الجهر بجميع القراءة في أوليي المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة بدليل الإجماع .. ويجب الإخفات في ما عدا ما ذكرناه بدليل الإجماع المشار إليه ) (٥).
وقال في ( المدارك ) في شرح قول المحقّق : ( ويجب الجهر بالحمد والسورة في
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٦٠ أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ١.
(٢) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٧٦ / ٨٠٦ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٦٠ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ١.
(٣) قرب الإسناد : ٣٧ / ١٢٠.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ١٠٢ / ٣٨٢ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٠١ ، أبواب التشهّد ، ب ٦ ، ح ٣.
(٥) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٤ : ٥٤٧.