نقله ، وكلّ من رواه نقله على سبيل القطع والجزم به.
فهو يدلّ بظاهره على دعوى استفاضته ، بل تواتره ، وهو أن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم كانوا يجهرون في الصبح وأُوليي المغرب والعشاء ، ويسرّون في البواقي ، إلّا إن بعض نقلته يقتصر على نقل ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وبعضهم ينقله عنه وعن جميع أهل البيت عليهمالسلام (١) ، وبعضهم يصرّح بأن ذلك دأبهم في العمل وأنهم مداومون على ذلك مدّة حياتهم ، كبعض شرّاح ( الجعفرية ).
وعن العلّامة : في ( التذكرة ) أنه قال بعد أن نقل عن المرتضى القول بالاستحباب ـ : ( وهو غلط ؛ لمصادمته الإجماع ، ومداومة النبيّ صلىاللهعليهوآله : والصحابة والأئمّة عليهمالسلام ، فلو كان مسنوناً لأخلّوا به في بعض الأحيان ) (٢) ، انتهى.
والأخبار المعلّلة للجهر والإخفات تدلّ على أن هذا المرسل حقّ.
وهذه الأخبار مع عمل المشهور به واستفاضة نقل الإجماع تخرج هذا الخبر عن حيّز الإرسال خصوصاً مع جزم ناقلية به ، فهو إذن أقوى من مسند صحيح بلا تأمّل. وهو مع ما استفاض بين الأُمّة أنه صلىاللهعليهوآله قال صلّوا كما رأيتموني أُصلّي (٣) ، يدلّ على ما هو المشهور من وجوب الإخفات في الأخيرتين مطلقاً. على أنا لا نحتاج في دلالة الأوّل على الحكم إلى ضمّ الخبر الأخير إليه ؛ لأنه قد نقل جماعة الإجماع على أن الأصل في فعله في العبادات الوجوب خصوصاً في الصلاة ، كما في ( الفوائد الحائرية ) (٤) وغيره من كتب الأُصول ، خصوصاً وقد صلّى في محلّ البيان.
وبعد هذا فلا شبهة في وجوب الإخفات فيهما ، مع أنه الأحوط ؛ إذ لم يقل أحد فيما علمنا بوجوب الجهر فيهما مطلقاً ، وإنما حدث القول به من بعض من قارب
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٨٢ ـ ٨٦ أبواب القراءة ، ب ٢٥.
(٢) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٥٢ / المسألة : ٢٣٦ ، وفيه ( للإجماع ) بدل : ( لمصادمته الإجماع ).
(٣) عوالي اللآلي ١ : ١٩٨ / ٨ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٨٧ / ٣٨٥٦.
(٤) الفوائد الطوسيّة : ٣١٦ / الفائدة : ٣٢.