في أخبارنا ؛ فإن أراد به ما جاء عنهم عليهمالسلام من أن صلاة النهار عجماء ، وصلاة الليل جهر (١) ، وأن السنّة في صلاة النهار بالإخفات ، والسنّة في صلاة الليل بالجهر (٢) ، فيشمل القراءة والتسبيح ، فليس بنافع ؛ لأن عموم هذه الأخبار إنما يدلّ على أن التسبيح في صلاة الليل جهر ، وفي صلاة النهار إخفات ، وهم لا يلتزمونه. وإن أراد به ما ذكره المحقّق في ( المعتبر ) (٣) وعلّامة ( المنتهى ) (٤) وهو نفسه في ( الذكرى ) (٥) من الخبر النبويّ المتقدّم من أن رسول الله صلىاللهعليهوآله : كان يجهر في صلاة الغداة وأُوليي العشاءين ويخفت في ما عداها ، فليس بنافع أيضاً ، لأنه مختصّ بالقراءة ولا يمكن التزام عمومه في سائر الأذكار ؛ لأنه يؤدّي إلى سقوط رجحان الجهر للإمام في أذكار الصلاة كلّها جهريّة وإخفاتيّة ، ومسقط للتخيير للمنفرد لكون الأذكار تابعة للقراءة على التقدير الأوّل ، أو إنها كلّها إخفات لهذا الحديث الثاني ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أخفت في ما عدا هذه الركعات الشاملة للقراءة والأذكار ، ولا قائل به.
وقد عرفت أن قوله في صحيح أبي خديجة : كما يسبّح القوم (٦) إشارة إلى الكيفيّة ، وهي كون التسبيحات الأربع على هذا النحو المذكور من الترتيب والهيئة المذكورة.
وبالجملة ، فهذه الأخبار لا دلالة فيها على ما ادّعي من الإخفات بالتسبيح في الأخيرتين ، ومن ثمّ عدل عن هذا الحكم ابن إدريس : في سرائره (٧) والعلّامة : في ( التذكرة ) (٨) وأحمد بن فهد : في مهذّبه (٩) ، ومجرّد الشهرة غير كافٍ في الاستدلال.
__________________
(١) بحار الأنوار ٨٢ : ٢٠٢ / ١٥.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٨٩ / ١١٦١.
(٣) المعتبر ٢ : ١٧٦.
(٤) منتهى المطلب ١ : ٢٧٧.
(٥) الذكرى : ١٨٩.
(٦) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٦٢ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٦ ، وفيهما : « مثل ما » بدل : « كما ».
(٧) السرائر ١ : ٢٢٢.
(٨) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٤٥ / المسألة : ٢٢٩.
(٩) المهذّب البارع ١ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، وفيه : ( وهل يجب الإخفات فيه؟ قال الشهيد : نعم. وبعدمه قال ابن إدريس ).