تخصيص تلك الأخبار المتكثرة بالقراءة ، ومجرّد وجود هذا الموثّق لا يخصص تلك الأدلّة إن عملنا بها ، ولم يعرض عنها ونطرحها. وكما أن مجرّد وجودها لا يوجب تخصيص الموثّق بالتسبيح دون القراءة إن لم نطرحه ؛ فإمّا أن نطرحها أو نطرحه ، أو يوجد دليل يجمعهما. ولا دليل ، فيما علمنا ، وإلّا كان جمعاً وحكماً بمجرّد الرأي بلا دليل ، وهو غير مقبول.
وأمّا صحيح محمّد بن قيس (١) فظاهره الدلالة على أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يخافت بالتسبيح في الأخيرتين ؛ لأن التشبيه بصلاة العشاء ؛ إمّا باولييه أو أخيرتيه ، والظاهر أن الأوّل غير مراد ؛ إذ لا تسبيح فيهما لا لإمام ولا مأموم ولا منفرد حتّى يشبّه به تسبيحه في أخيرتي الظهرين.
والقول بأنه أراد تشبيه كيفيّة تسبيحه في أخيرتي الظهرين بكيفيّة قراءته في أوليي العشاء من الجهر خاصّة دون كيفيّة التسبيح لفظاً وعدداً وترتيباً مع إطلاق التشبيه ، فلا دليل عليه ، مع أنه خارج عن عبارات سائر الفصحاء ، فضلاً عن أبلغ البلغاء ، ومع ما قيّد من الإبهام على المخاطب من غير تقيّة في محلّ البيان ووقت الحاجة ، بل إطلاق التشبيه يجب حمله على المشابهة من كلّ وجه ، وذلك يستلزم بطلان إرادة الأوّل.
وأيضاً لو كان هو المراد كنّا نسأل القائل به عن النكتة في تخصيص أُوليي العشاء بالتشبيه دون المغرب والصبح مع تساوي الجميع في كيفيّة الجهر. وحيث لا نكتة ، لا يكون ذلك مراداً ؛ صوناً لكلام ينبوع البلاغة عن الالتحاق بسائر عبارات أضعف العوام ، فتعيّن إرادة الثاني ، وهو تشبيه تسبيحه في أخيرتي كلّ من الظهرين بتسبيحة في أخيرتي العشاء.
والنكتة في تخصيصه بالعشاء المساواة في العدد دون المغرب فهو أجلى
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٧ / ٣٦٢ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢٥ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٩.