الإغراء بالجهل ، ولم يتمّ دليل الآن فتيقّظ. على أنك سمعت الدلالة على اتّحاد حكم هذا الفرع مع أصله في ذلك ، فظهر أنه ليس من القياس ، وحاشا نوّاب الله ومن نصبهم حكّاماً في الأرض من العمل بالقياس. وكيف يعملون بما أجمعوا وأطبقوا على بطلانه في كلّ عصر ، وجاهدوا من قال به ، وعلموا على اليقين أنه ليس من دين الله ، ولم تأتِ به شريعة ، وإنما أوّله وعنصره إبليس والجهل؟
وأمّا إن هذا الدليل يستلزم كون القراءة أصلاً والتسبيح فرعاً عليها على ما فهمه من كلامهم فممنوع ، بل أرادوا أنه أحد فردي التخييري اللذين يقوم كلّ منهما مقام الآخر ، على أنا لا نمنع صدق بدليّته بالمعنى الثاني ، وهو الذي فهمه رحمهالله.
والأخبار التي دلّت على أن أصل الصلاة التي فرضها الله ركعتان وزاد رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما زاد (١) ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنما سبّح لِمَا رأى من عظمة الله (٢) ، وإنه للفرق بين ما فرضه الله وما فرضه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما فرضه الله كان فيه القراءة ، وما فرضه الرسول صلىاللهعليهوآله : كان فيه التسبيح (٣) تدلّ دلالة ظاهرة على أن التسبيح فرع القراءة ؛ لأن الرسول صلىاللهعليهوآله : نائب الله وخليفته ، فلا يكون ما أمر الله به فرعاً لما أمر به الرسول صلىاللهعليهوآله ، فبالضرورة أن السنّة فرع الكتاب وبيانه.
ونستحيله العكس بالبرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً ، على أنه فرض أن القراءة فرع التسبيح ، وقد سلّم هو أن الفرع حكمه الاحتفاف بالدليل ، فإن كان الشارع نصبه دليلاً على حكم الأصل وإلّا حكم عليه بما دلّ على كيفيّة فرعه ؛ لأنه حكاية أصله فصفته حكاية صفته ، فكلّ معلول وفرع دليلٌ على ذات علّته واصلة بذاته وعلى ذاتيّته بذاتيّته.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧٢ / ٢ ، ٢٧٣ / ٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٠٩ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٤٢ ، ح ٦ ، و: ١٢٤ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ / ٩٢٥ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢٣ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٣.
(٣) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٤ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢٤ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٤.