ابن رواحة ، فإنَّه كان برّاً بوالديه ، فكثرت غنيمته في هذه الليلة ، فلمّا كان من غد قال له أبوه : إِنّي وأُمّك لك محبّان ، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا ، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد ، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها ، فتداخلنا هذه في أموالك ، ويزداد علينا بغيها وعنتها ، فقال عبد الله : ما كنت أعلم بغيها عليكم ، وكراهتكما لها ، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي ، ولكنّي أَبنتها الآن ، لتأمنا ما تحذران ، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان ، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم ، الخبر (١).
وفي دعائم الإسلام ، بإسناده عن علي عليهالسلام قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقيل : يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به ، فعاده صلىاللهعليهوآلهوسلم فأصابه مغمى عليه ، والنساء يتصارخن حوله ، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال : اللهم هذا عبدك ، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه ، فإلى جنتك ورحمتك ، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره ، فعجّل شفاه وعافيته ، فقال بعض القوم : عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة ، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال : ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا : أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم ، والطعين ، والمبطون ، وصاحب الهدم ، والغرق (٢) ، والمرأة تموت جُمعاً ، قالوا : وكيف تموت جُمْعاً؟ قال : يعترضُ ولدها في بطنها ، ثم قام صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجد عبد الله خِفَّةً ، فأخبر صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!
__________________
(١) تفسير الامام الحسن العسكري عليهالسلام : ٦٤٠ ٦٤٢.
(٢) في المصدر : الغريق.