ونهيه عن المنكر في متاجرته ، لفسد نظام الاسلام ، وارتدّ أكثر الناس على الأعقاب ، ولحصل فتق في الاسلام ليس له راتق ، فجزاه الله عن الاسلام وأهله أفضل الجزاء.
ولنرجع إلى ما كنّا فيه :
ثمّ قال معاوية : وانظر ـ يا بنيّ ـ أهل الحجاز فإنّهم أصلك وفرعك ، فأكرم من قدم عليك ، ومن غاب عنك فلا تجفه ولا تعنفه.
وانظر أهل العراق فإنّهم لا يحبّونك أبداً ، ولا ينصحونك ، ولكن دارهم ما أمكنك ، وإن سألوك أن تعزل عنهم كلّ يوم عاملاً فافعل ، فإن عزل عامل واحد أهون من سل مائة ألف سيف.
وانظر أهل الشام فإنّهم بطانتك وظهارتك ، وقد بلوت بهم وعرفت ثباتهم (١) ، وهم صبر عند اللقاء ، حماة في الوغى ، فإن رابك (٢) أمر من عدوّ يخرج عليك فانتصر بهم ، فإذا أصبت حاجتك فارددهم إلى بلادهم يكونوا [ بها ] (٣) لوقت حاجتك ، ثمّ اُغمي على معاوية ، فلم يفق بقيّة يومه من غشيته ، فلمّا أفاق قال : اوه اوه جاء الحق وزهق الباطل ، ثمّ قال : إنّي كنت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم وهو يقلم أظفاره ، فأخذت القلامة ، وأخذت بشقص من شعره على الصفا ، فجعلتها في قارورة فهي عندي ، فاجعلوا الشعر والأظفار في فمي واُذني ، ثمّ صلّوا عليَّ وواروني في حفرتي (٤).
__________________
١ ـ في المقتل : نيّاتهم.
٢ ـ في المقتل : دار بك.
٣ ـ من المقتل.
٤ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/١٧٦ ـ ١٧٧.