قال : ثمّ دمعت عيناه ، فقال له عدوّ الله مروان : أيّها الامير ، لا تجزع بما ذكرت لك ، فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء في قديم الدهر ولم يزالوا ، وهم الّذين قتلوا عثمان ، ثمّ ساروا إلى معاوية فحاربوه ، فإنّي لست آمن ـ أيّها الأمير ـ إن أنت لم تعاجل الحسين خاصة أن تسقط منزلتك عند أمير المؤمنين يزيد.
فقال الوليد : مهلاً ـ يا مروان ـ اُقصّر من كلامك وأحسن القول في ابن فاطمة ، فإنّه بقيّة ولد النبيّين.
قال : ثمّ بعث الوليد بن عتبة إلى الحسين وعبد الرحمان بن أبي بكر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير فدعاهم ، وأقبل الرسول وهو عمرو بن عثمان ، فلم يصب القوم في منازلهم ، فمضى نحو المسجد فإذا القوم عند قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فسلّم ، ثمّ قال : إنّ الأمير يدعوكم ، فصيروا إليه.
فقال الحسين : نفعل إن شاء الله إذا نحن فرغنا من مجلسنا ، فانصرف الرسول وأخبر الوليد بذلك ، واقبل عبد الله بن الزبير على الحسين ، فقال : يا أبا عبد الله ، إنّ هذه ساعة لم يكن الوليد بن عتبة يجلس فيها للناس ، وإنّي قد أنكرت بعثته إلينا في مثل هذا الوقت ، فترى لما بعث إلينا (١)؟
فقال الحسين عليهالسلام : اخبرك إنّي أظنّ أنّ معاوية هلك ، وذلك انّي رأيت البارحة في منامي كأنّ منبر معاوية منكوس ، ورأيت النّار تشتعل في داره ، فتأوّلت ذلك في نفسي بأنّه قد مات.
قال ابن الزبير : فاعمل على ذلك بأنّه كذلك ، فما ترى أن تصنع إذا دعيت إلى بيعة يزيد؟
____________
١ ـ في المقتل : أنكرت بعثه ... أفترى لماذا بعث إلينا؟