فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومِغفَره ، ثمّ شدّ على الناس ، فوالله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس ، ثمّ إنّه (١) تعطّفوا عليه من كلّ جانب ، فقُتل ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته ، والآخر يقول كذلك.
فقال عمر بن سعد : لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد ، حتّى فرّق بينهم بهذا القول.
ثمّ جاءه عبد الله وعبد الرحمن الغفاريّان ، فقالا : يا أبا عبد الله ، السلام عليك ، أحببنا أن نقتل بين يديك وندفع عنك.
فقال : مرحباً بكما ، ادنوا منّي ، فدنوا منه (٢) ، وهما يبكيان ، فقال : يا ابني أخي ما يبكيكما؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعة قريري العين.
فقالا : جعلنا الله فداك ، والله ما على أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك نراك قد اُحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك. (٣)
فقال : جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين ، ثمّ استقدما وقالا :
السلام عليك يا ابن رسول الله.
فقال : وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته.
فقاتلا حتّى قُتلا رضي الله عنهما.
____________
١ ـ في البحار : إنّهم.
٢ ـ كذا في المقتل والبحار ، وزاد في الأصل : ثمّ قاتلا حتّى قُتلا ، ثمّ جاءه سيف بن الحارث بن سريع ومالك بن سريع فدنوا منه.
٣ ـ في البحار : ننفعك.