الله وأبغضه إليه ، فلمّا ذهب بصري أيست من الشهادة ، والآن الحمد لله الّذي رزقنيها بعد اليأس منها ، وعرّفني الإجابة منه لي في قديم دعائي.
فقال ابن زياد لعنه الله : اضربوا عنقه ، فضربت وصلب رحمهالله. (١)
ثمّ دعا ابن زياد لعنه الله بجندب بن عبد الله رضي الله عنه ، فقال : يا عدوّ الله ، ألست صاحب عليّ بن أبي طالب يوم صفّين؟
قال : نعم ، وما زلت له وليّاً ، ولكم عدوّاً ، ولا أبرأ من ذلك إليك ولا أعتذر ولا أتنصّل.
فقال ابن زياد : أمّا إنّي أتقرّب إلى الله بدمك.
فقال جندب : والله ما يقرّبك دمي إلى الله تعالى ، ولكن يباعدك منه ، وبعد فلم (٢) يبق من عمري إلاّ أقلّه ، وما أكره أن يكرمني الله بهوانك.
فقال لعنه الله : أخرجوه عنّي فإنّه شيخ قد خرف وذهب عقله ، فاُخرج وخلّي سبيله.
ثمّ دعا بعبد الرحمان بن مخنف الأزدي ، فقال : ما هذه الجماعة على بابك؟
فقال : ليس على بابي جماعة وقد قتلت صاحبنا ، وأنا لك سامع مطيع وإخوتي جميعاً ، فسكت ابن زياد ، وخلّى سبيله وسبيل أصحابه. (٣)
____________
١ ـ زاد في الملهوف : في السبخة.
٢ ـ في المقتل : وبعد فإنّي لم.
٣ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ٢/٥٢ ـ ٥٥ ، الملهوف على قتلى الطفوف : ٢٠٣ ـ ٢٠٧.