فقال : جال الناس وتقدّم وقاتل ، وقال : ائتني بجرّة فيها ماء ، فأتيته فاحتملها وشرب منها وصبّ الباقي بين درعه وجسده وعلى ناصية فرسه فصهل ، ثمّ اقحمه ، فهذا آخر عهدي به.
قال : وبعث ابن الأشتر برأس ابن زياد إلى المختار ورؤوس أعيان من كان معه ، فقدم بالرؤوس والمختار يتغدّى ، فاُلقيت بين يديه ، فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، وضع رأس الحسين عليه السالم بين يدي ابن زياد وهو يتغدّى ، واُتيت برأس ابن زياد وأنا أتغدىّ.
قال : وانسابت حيّة بيضاء تتخلّل الرؤوس حتّى دخلت في نفس (١) ابن زياد وخرجت من اُذنيه ، ودخلت في اُذنه ، وخرجت من أنفه ، فلمّا فرغ المختار من الغداء قام فوطى وجه ابن زياد بنعله ، ثمّ رمى بها إلى مولىً له وقال : اغسلها فإنّي وطئت بها وجه نجس كافر.
وخرج المختار إلى الكوفة وبعث برأس ابن زياد ورأس حصين بن نمير وشرحبيل بن ذي الكلاع مع عبد الرحمان بن أبي عمير الثقفي وعبد الله بن شدّاد الجشميّ والسائب بن مالك الأشعري إلى محمد بن الحنفيّة بمكّة ، وعليّ بن الحسين عليهالسلام يومئذ بمكّة ، وكتب إليه معهم :
فأمّا بعد :
فإنّي بعثت أنصارك وشيعتك إلى عدوّك يطلبونه بدم أخيك الشهيد ، فخرجوا محتسبين محنقين أسفين ، فلقوهم دون نصيبين (٢) ، فقتلهم ربّ العباد ،
____________
١ ـ في الأمالي : أنف.
٢ ـ نصيبين : مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام. « معجم البلدان : ٥/٢٨٨ ».