جوفه فسقط قتيلاً فطعن من ورائه ، فسقط إلى الأرض ، فاُخذ أسيراً ، ثمّ اُخذ فرسه وسلاحه ، وتقدّم رجل من بني سليم يقال له عبد الله بن العبّاس فأخذ عمامته ، فجعل يقول : اسقوني شربة.
فقال مسلم بن عمرو الباهلي : لا والله لا تذوق الماء أو تذوق الموت.
فقال له مسلم : ويلك ما أجفاك وأقسى قلبك ، أشهد عليك إن كنت من قريش فإنّك (١) ملصق ، وإن كنت من غير قريش فأنت دعي ، من أنت يا عدوّ الله؟
قال : أنا من عرف الحقّ إذ أنكرته ، ونصح الامام إذ غششته ، وسمع وأطاع إذ خالفته ، أنا مسلم بن عمرو الباهلي.
فقال له مسلم : لاُمّك الهبل يا ابن باهلة ، أنت أولى بالحميم والخلود في نار جهنّم ، إذ آثرت طاعة آل أبي سفيان على آل رسول صلىاللهعليهوآله .
ثمّ قال : ويحكم يا أهل الكوفة ، اسقوني شربة من ماء ، فأتاه غلام لعمرو ابن حريث المخزومي بقلّةٍ من ماء وقدح قوارير قصب القلة في القدح وناوله ، فأخذ مسلم القدح ، فلمّا أراد أن يشرب امتلأ القدح دماً ، فلم يقدر أن يشرب من كثرة الدم ، وسقطت ثناياه في القدح ، فامتنع من شرب الماء فأخذوه وحملوه على بغل ، فدمعت عيناه ، وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
فقال له عبيد الله بن العبّاس : من يطلب مثل الّذي طلبت لا يبكي.
فقال : والله إنّي لا أبكي على نفسي ، ولكن أبكي على أهلي المقبلين ـ أعني الحسين عليهالسلام ـ ، ولمّا اركب البغل ونزع عنه السيف قال لمحمد
____________
١ ـ كذا في المقتل ، وفي الأصل : فأنا.