[ وخرج ] (١) ، حتّى إذا وافى اللعين قريباً من دمشق وجعل الناس يتلقّونه فيبكون ويبكي معهم.
ثمّ نزل في قبّة خضراء لابنه وهو معتمّ بعمامة خزّ سوداء متقلّداً سيف أبيه ، فلمّا دخلها نظر فإذا قد فرش له فرش كثيرة بعضها على بعض ، ما يمكن لأحد أن يرقى عليها إلا بالكراسي ، فصعد حتّى جلس والناس يدخلون عليه يهنئونه بالخلافة ويعزونه بأبيه ، ويزيد يقول : نحن أهل الحقّ وأنصار الدين ، فأبشروا يا أهل الشام فإن الخير لم يزل فيكم وسيكون بيني (٢) وبين أهل العراق ملحمة ، وذلك انّي رأيت في المنام منذ ثلاث ليال كأنّ بيني وبين أهل العراق نهراً يطرد بالدم العبيط [ ويجري ] (٣) جرياً شديداً ، وجعلت أجتهد في منامي أن أجوزه فلم أقدر حتّى جاء عبيد الله بن زياد فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه.
قال : فأجابه أهل الشام وقالوا : يا أمير المؤمنين ، امض بنا حيث شئت فنحن بين يديك ، وسيوفنا هي الّتي عرفها أهل العراق في صفّين.
فقال يزيد : أنتم لعمري كذلك ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّ معاوية كان عبداً من عباد الله أنعم الله عليه ، ثمّ قبضه إليه ، وهو خير ممّن بعده ، ودون من كان قبله ، ولا اُزكّيه على الله ، فهو أعلم به منّي ، فإن عفا عنه فبرحمته ، وإن عاقبه فبذنوبه ، ولقد ولّيت هذا الأمر من بعده ولست اُقصّر عن طلب حقّ ، ولا أعتذر من تفريط في باطل ، وإذا أراد الله شيئاً كان ، فصاح الناس من كلّ جانب : سمعنا وأطعنا ، يا أميرالمؤمنين.
قال : فبايع الناس بأجمعهم يزيد وابنه معاوية بن يزيد من بعده ، وفتح
____________
١ و ٣ ـ من المقتل.
٢ ـ في المقتل : بينكم.