قال : ثمّ خرج غلام تركيّ كان للحسين عليهالسلام ، وكان قارئاً للقرآن ، فجعل يقاتل [ ويرتجز ] (١) ويقول :
البحر من طعني وضربي يصطلي |
|
والجوّ من سهمي ونبلي يمتلي |
إذا حسامي بيميني ينجلي |
|
ينشقّ قلب الحاسد المبجّل |
فقتل جماعة ، ثمّ سقط صريعاً ، فجاءه الحسين عليهالسلام فبكى ووضع خدّهُ على خدّهِ ، ففتح عينيه فرأى الحسين عليهالسلام فتبسّم ، ثمّ صار إلى ربّه رضي الله عنه.
[ قال : ثمّ رماهم يزيد بن زياد بن الشعثاء بثمانية أسهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم ، وكان كلّما رمى قال الحسين عليهالسلام : اللّهمّ سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنّة ، فحملوا عليه فقتلوه ] (٢)
وكان يأتي الحسين عليهالسلام الرجل بعد الرجل ، فيقول : السلام عليك يا ابن رسول الله ، فيجيبه الحسين ، ويقول : وعليك السلام ونحن خلفك ، ثمّ يقرأ : ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (٣) حتّى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم ، ولم يبق مع الحسين إلاّ أهل بيته.
وهكذا (٤) يكون المؤمن يؤثر دينه على دنياه ، وموته على حياته في سبيل الله ، وينصر الحقّ وإن قتل ، قال سبحانه : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أمْوَاتاً بَلْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٥) وقال النبيّ صلّى الله عليه
____________
١ و ٢ ـ من البحار.
٣ ـ سورة الأحزاب : ٢٣.
٤ ـ الكلام من هنا للخوارزمي.
٥ ـ سورة آل عمران : ١٦٩.