تراب ، فإذا أتاك كتابي هذا فسرحين تقرأه حتّى تقدّم الكوفة فتكفيني أمرها فقد ضممتها إليك ، وجعلتها زيادة في عملك ، فاطلب مسلم بن عقيل طلب الخرز ، فإذا ظفرت به فخذ بيعته أو اقتله إن لم يبايع ، واعلم أنّه لا عذر لك عندي دون ما أمرتك ، فالعجل العجل ، الوَحاء (١) الوَحاء ، والسلام.
ثمّ دفع الكتاب إلى مسلم بن عمرو الباهلي وأمره أن يسرع [ السير إلى عبيد الله ] (٢) ، فلمّا ورد الكتاب على ابن زياد وقرأه أمر بالجهاز وتهيّأ للمسير وقد كان الحسين قد كتب إلى أهل البصرة كما أشرنا أوّلاً.
فسار وفي صحبته مسلم بن عمرو والباهلي ، والمنذر بن جارود ، وشريك ابن عبد الله الهمداني ، فلمّا وصل قريب الكوفة نزل ، فلمّا أمسى دعا بعمامة سوداء فاعتمّ بها متلثماً ، ثمّ تقلدّ سيفه ، وتوشّح قوسه ، وأخذ في يده قضيباً ، واستوى على بغل له ، وركب معه أصحابه ، وأقبل حتّى دخل من طريق البادية ، وذلك في ليلة مقمرة والناس متوقّعون قدوم الحسين عليهالسلام ، وهم لا يشكّون انّه الحسين فهم يمشون بين يديه ويقولون : مرحباً بك يا ابن رسول الله ، قدمت خير مقدم.
فرأى عبيد الله بن زياد من إرادة (٣) الناس بالحسين ما ساءه ، فسكت ولم يكلّمهم ، فتكلّم مسلم بن عمرو الباهلي ، وقال : إليكم عن الأمير يا ترابيّة ، فليس هذا من تظنّون ، هذا عبيد الله بن زياد.
فتفرّق الناس عنه ، وتحصّن النعمان بن بشير وهو يظنّه الحسين ، فجعل
____________
١ ـ الوحاء : الاسراع.
٢ ـ من المقتل.
٣ ـ في المقتل : تباشير.