يناشده الله والفتنة ، وهو ساكت من وراء الحائط ، ثمّ قال له : افتح الباب عليك لعنة الله ، وسمعها جماعة فصاحوا : ابن مرجانة والله ، وفتح الباب ، وتفرّق الناس ، ونودي بالصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فخرج ابن زياد وقام خطيباً وقال : إن أمير المؤمنين يزيد ولاني مصركم وثغركم ، وأمرني بإنصاف المظلوم منكم ، وإطاء محرومكم ، والاحسان إلى سامعكم ، والشدّة على مريبكم ، وأنا متبع أمره ، ومنفّذ فيكم عهده ، فأنا لمحبكم ومطيعكم كالوالد البارّ ، وسيفي وسوطي على من ترك أمري.
وسمع مسلم بن عقيل بمجيء ابن زياد ومقالته ، فانتقل عن موضعه حتّى أتى دار هانىء بن عروة المذحجي (١) ، فدخل ، ثمّ أرسل إليه : إنّي أتيتك لتجيرني وتؤويني لأن ابن زياد قدم الكوفة ، فاتقيته على نفسي ، فخرج إليه هانىء ، وقال : لقد كلفتني شططاً ، ولولا دخولك [ داري ] (٢) لأحببت أن تنصرف عنّي ، غير أنّي أجد ذلك عاراً عليَّ أن يكون رجلاً أتاني مستجيراً فلا اُجيره ، انزل على بركة الله.
وجعل عبيد الله يسأل عن مسلم ولا يجد أحداً يرشده إليه ، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم في دار هانىء ويبايعونه للحسين سرّاً ، ومسلم بن عقيل يكتب أسماءهم عنده ويأخذ عليهم العهود ألا ينكثوا ولا يغدروا حتّى بايعه أكثر من عشرين ألفاً ، وهم مسلم أن يثب بعبيدالله بن زياد فمنعه هانىء ، وقال : جعلت فداك ، لا تعجل فإنّ العجلة لا خير فيها.
____________
١ ـ في المقتل : المرادي.
٢ ـ من المقتل.