قال : وجاء حنظلة بن سعد الشبامي فوقف بين يدي الحسين عليهالسلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : ( يَا قَوْمِ إِنِّي أخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمَ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أخَافُ عَلَيْكًُمْ يَومَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ ) (١).
يا قوم ، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذابٍ وقد خابَ من افترى (٢).
ثمّ التفت إلى الحسين عليهالسلام وقال : أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بإخواننا؟
فقال له الحسين عليهالسلام : بلى (٣) ، رُح إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، وإلى مُلكٍ لا يبلى.
وقاتل حتّى قَتل أبطالاً ، وصبر صبراً جميلاً على احتمال الأهوال (٤) ، حتّى قُتل رضي الله عنه.
قال : وتقدّم [ سُويد ] (٥) بن عمر بن أبي المطاع ، وكان شريفاً كثير الصلاة ، فقاتل قتال الاسد الباسل ، وبالغ في الصبر على الخطب النازل ، حتّى سقط بين القتلى وقد اُثخن بالجراح ، فلم يزل كذلك وليس به حراك حتّى سمعهم يقولون : قتل الحسين ، فتحامل وأخرج سكيّناً من خفّه ، وجعل يقاتل حتّى قُتل رضوان
____________
١ ـ سورة غافر : ٣٠ ـ ٣٣.
٢ ـ إقتباس من الآية : ٦١ من سورة طه.
٣ ـ في الملهوف : بل.
٤ ـ في الملهوف : وصبر على احتمال الأهوال.
٥ ـ من الملهوف.