فقال : أمّا الكتاب فإنّي لا اخبرك ، وأمّا القتل فإنّي لا أكرهه لأني لا أعلم قتيلاً عند الله أعظم أجراً ممّن يقتله مثلك.
قال : فأمر به ، فضربت عنقه رضي الله عنه.
ثمّ أقبل على محمد بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج وأسماء بن خارجة ، وقال : صيروا إلى هانىء فاسألوه أن يصير إلينا فإنّا نريد مناظرته ، فأتوا هانىء وهو جالس على باب داره ، فسلّموا عليه ، وقالوا : ما يمنعك من إتيان الأمير وقد ذكر غير مرّة؟
فقال : ما منعني من المصير إليه إلا العلّة.
فقالوا : صدقت ، ولكنّه بلغه انّك تقعد على باب دارك في كلّ عشيّة ، وقد استبطأك والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، ونحن نقسم عليك إلا ما ركبت معنا ، فدعا هانىء بثيابه فلبسها ، ثمّ ركب وسار مع القوم حتّى إذا صار بباب القصر كأنّ نفسه أحسّت بالشرّ فالتفت إلى حسّان بن أسماء ، فقال : يا ابن أخي ، إن نفسي تحدثني بالشر.
فقال حسّان : سبحان الله يا عمّ! ما أتخوف عليك فلا تحدّثنّ نفسك بشيء ، ثمّ دخل القوم على ابن زياد ، فلمّا نظر إليهم من بعيد التفت إلى شريح القاضي وكان في مجلسه ، فقال : « أتتك بخائن رجلاه » (١) ، وأنشد :
اريد حياته ويريد قتلي |
|
خليلي من عذيري (٢) من مراد |
فقال هانىء : وما ذاك ، أيّها الأمير؟
____________
١ ـ مثل جاهلي.
٢ ـ في المقتل : عذيري من خليل.