فصل
ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنة الله عليه ارتحل في اليوم الثاني عشر من مقتل الحسين عليهالسلام وساق حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله كما يساق الاُسارى ، حافيات حاسرات مسلّبات باكيات يمشين في أسر الذلّ ، حتّى إذا وصل الكوفة خرج الناس لاستقباله ، فجعلوا يبكون ويتوجّعون ، وعليّ بن الحسين عليهالسلام مريض قد نهكته العلّة ، فجعل يقول : إنّ هؤلاء يبكون ويتوجّعون من أجلنا ، فمن قتلنا؟!
قال بشير بن خزيم (١) الأسدي : نظرت إلى زينب بنت عليّ عليهالسلام فلم أر خفرة قطّ أنطق منها كأنّما تفرغ من (٢) لسان أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأومت إلى الناس أن اسكتوا فسكتت الأصوات ، فقالت :
الحمد للهِ ، والصلاة على محمد (٣) رسول الله وعلى آله الطيّبين الأخيار.
يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والخذل ، أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّة ، فإنّما مثلكم كمثل الّتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً ، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم.
__________________
١ ـ في المقتل : حذيم ، وفي مستدركات علم الرجال : ٢/٣٧ : جزيم.
٢ ـ في المقتل : كأنّما تنطق عن.
٣ ـ في المقتل : أبي محمد ، وفي الملهوف : جدّي محمد.