لنا في ذلك قرّة العين ، فكأنّا لعظيم مصابها ممّن استشهد بين يدي الحسين ، لكان اللائق إظهار شعار السرور ، وإبداء تمام الحبور ، إذ سادتنا حضوا من السعادة الأبديّة بأعظم السعادات ، وحضوا من الشهادة العليّة بأرفع الدرجات ، إذ لم يسمع بأحدٍ جاهد في الله جهادهم ، ولم يجتهد لإقامة دين الحقّ اجتهادهم ، باعوا أنفسهم من الله بالثمن الأوفر ، فربحوا أحسن الثناء في الدنيا والفوز في الاُخرى لعظيم هذا المتجر ، أحلّهم الله بذلك على منازل رضوانه ، ومنحهم حياة باقية ببقائه في جنانه ، وغرفاً صاروا إليها في كتابة المكنون بقوله سبحانه : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أمْوَاتاً بَل أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١).
[ في فضيلة الشهادة وثوابها وأجرها ]
عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ برّ فوقه برّ حتى يخرج الرجل شاهراً سيفه في سبيل الله فيقتل فليس فوقه برّ. (٢)
وروي عن إمام الهدى عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، قال : بينا أمير المؤمنين عليهالسلام يخطب الناس ويحضّهم على الجهاد إذ قام إليه شابّ فقال : يا أمير المؤمنين ، اخبرني عن فضل الجهاد والغزو في سبيل الله.
فقال صلوات الله عليه : كنت رديف رسول الله صلىاللهعليهوآله على ناقته العضباء ونحن منقلبون (٣) من غزاة ذات السلاسل ، فسألته عمّا سألتني
____________
١ ـ سورة آل عمران : ١٦٩.
٢ ـ الخصال : ٩ ح ٣١ ، الكافي : ٥/٥٣ ح ٢ ، التهذيب : ٦/١٢٢ ح ٢٠٩.
٣ ـ كذا في المجمع ، وفي الأصل : منتقلون.