عقيل ، واصعد به إلى أعلى القصر ، واضرب عنقه ليكون ذلك أشفى لصدرك.
قال : فأصعد مسلم إلى أعلى القصر وهو يسبّح الله ويستغفره ويقول : اللّهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ، حتّى اُتي به إلى أعلى القصر ، وتقدّم ذلك الشامي إليه فضرب عنقه صلوات الله ورحمته وبركاته عليه ثمّ نزل الشامي إلى ابن زياد وهو مذعور.
فقال ابن زياد : ما الّذي ذعرك؟
قال : رأيت ساعة قتلته رجلاً بحذائي أسود شديد السواد كريه المنظر وهو عاضّ على اصبعه ـ أو قال على شفته ـ ففزعت منه فزعاً لم أفزع مثله ، فتبسّم ابن زياد ، وقال : لعلّك دهشت وهذه عادة لم تعتدها.
قال : ثمّ دعا ابن زياد بهانىء بن عروة أن يخرج فيلحق بمسلم.
فقال : محمد بن الأشعث : أصلح الله الأمير ، إنّك قد عرفت منزلته [ في المصر ] (١) وشرفه في عشيرته ، وقد علم قومه أنّي وأسماء (٢) بن خارجة جئناك به ، فاُنشدك الله أيّها الأمير إلاّ وهبته لي ، فإنّي أخاف عداوة قومه لي فإنّهم سادة أهل الكوفة ، فزبره ابن زياد وأمر بهانىء بن عروة فاخرج الى السوق الى مكان يباع فيه الغنم ، وهو مكتوف ، وعلم هانيء أنّه مقتول ، فجعل يقول : وامذحجاه وأين بني (٣) مذحج؟ واعشيرتاه وأين بني عشيرتي؟ ثمّ أخرج يده من الكتاف ، فقال : أمّا من عصا أو سكيّن أو حجر يدرأ (٤) به الرجل عن نفسه؟ فوثبوا إليه
____________
١ ـ من المقتل.
٢ ـ كذا في المقتل ، وفي الأصل : مسلم.
٣ ـ في المقتل : منّي ، وكذا في الموضع الآتي.
٤ ـ في المقتل : يجاحش.