ثمّ أصبحنا ذات يوم وإذا بها قد انبعث من ساقها دم عبيط ، وورقها ذابل يقطر دماء كماء اللحم ، فقلنا : قد حدث أمر عظيم ، فبينا نحن كذلك فزعين مهمومين نتوقّع الداهية ، فلمّا أظلم الليل سمعنا بكاء وعويلاء من تحتها ، وغلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :
يا ابن النبيّ ويا ابن الوصيّ |
|
بقيّة ساداتنا الأكرمينا |
ثمّ كثرت الرنّات والأصوات ، فلم يفهم كثيراً ممّا كانوا يقولون ، فأتانا بعد ذلك نعي الحسين عليهالسلام ، ويبست الشجرة وجفّت ، وكسرتها الريح والأمطار بعد ذلك ، فذهب واندرس أثرها.
قال عبد الله بن محمد الأنصاري : لقيت دعبل بن عليّ الخزاعي بمدينة الرسول صلىاللهعليهوآله فحدثته بهذا الحديث فلم ينكره ، وقال : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن اُمّه سعدى (١) بنت مالك الخزاعيّة أنّها أدركت تلك الشجرة ، وأكلت من ثمرها على عهد عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وأنّها سمعت تلك الليلة الجنّ فحفظت من جنّيّة منهنّ :
يا ابن الشهيد ويا شهيد عمّه |
|
خير العمومة جعفر الطيّار |
عجباً لمصقول أصابك حدّة |
|
في الوجه منك وقد علاه غبار (٢) |
قال دعبل : فقلت في قصيدتي :
زُر خير قبر بالعراق يزار |
|
واعص الحمار فمن نهاك حمارُ |
لِمَ لا أزورك يا حسين لك الفدا |
|
قومي ومن عطف عليه نزار؟ |
ولك المودّة في قلوب اُولي النهى |
|
وعلى عدوّك مَقْتَةٌ ودثار (٣) |
____________
١ ـ في البحار : سعيدة.
٢ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ٢/٩٨ ـ ١٠٠ ، عنه البحار : ٤٥/٢٣٣ ح ١.
٣ ـ في البحار : ٤٥/٢٣٥ : ودمار.