[ ابن ] (١) الأشتر جولة ، فناداهم : يا أصحاب شرط الله ، الصبر الصبر ، فتراجعوا. فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقب الدؤلي : حدّثني خليلي عليّ ابن الحسين عليهالسلام أنّا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر ، فيكشفونا حتّى نقول : هي هي ، ثمّ نكرّ عليهم فنقتل أميرهم ، فأبشروا واصبروا فإنّكم لهم قاهرون.
ثمّ حمل ابن الأشتر عشيّاً فخالط القلب ، فكشفوهم (٢) أهل العراق وركبوهم يقتلونهم ، فانجلب الغمّة وقد قُتل عبيد الله بن زياد وحُصين بن نُمير وشرحبيل ابن ذي الكلاع وابن حوشب وغالب الباهلي وعبد الله بن إياس السلمي ، وأبو الأشرس الّذي كان والياً على خراسان وأعيان أصحابه.
فقال ابن الأشتر لأصحابه : إنّي رأيت بعدما انكشف الناس طائفة منهم قد صبرت تقاتل ، فأقدمت عليهم ، وأقبل رجل في كبكبة كأنه بغل أقمر (٣) ، يُفري الناس ، لا يدنو منه أحد إلّا صرعه ، فدنا منّي فضربت يده فأبنتها ، وسقط على شاطىء النهر فشرّقت يداه ، وغرّبت رجلاه ، فقتلته ، ووجدت من رائحة المسك ، وأظنّه ابن زياد فاطلبوه ، فجاء رجل ونزع خفّيه وتأمّله ، فإذا هو عبيد الله بن زياد على ما وصف ابن الأشتر ، فاحتزّ رأسه ، واستوقدوا عامّة الليل بجسده ، فنظر إليه مهران مولى زياد وكان يحبّه حبّاً شديداً فحلف ألّا يأكل شحماً أبداً فأصبح الناس وحووا [ ما في ] (٤) العسكر ، وهرب غلام لعبيدالله إلى الشام ، فقال له عبد الملك ، متى عهدك بابن زياد؟
__________________
١ و ٤ ـ من الأمالي.
٢ ـ في الأمالي : فكسرهم.
٣ ـ الكبكبة : جماعة الخيل. الأقمر : الأبيض المشوب بكدُرة ؛ وقيل : ما كان لونه إلى الخضرة.