أنعاك يا هانىء.
قال : وبلغ ذلك الخبر إلى مذحج فركبوا بأجمعهم وعليهم عمرو بن الحجّاج فوقفوا بباب القصر ، ونادى عمرو : يا ابن زياد ، هذه فرسان مذحج لم نخلع طاعة ولا فارقنا جماعة ، فلم تقتل صاحبنا؟
فقال ابن زياد لشريح : ادخل على صاحبهم ، فانظر إليه ، ثمّ اخرج إليهم وأعلمهم أنّه لم يقتل.
قال شريح : فدخلت عليه ، فقال : ويحكم هلكت عشيرتي ، أين أهل الدين فينقذوني من يد عدوهم وابن عدوهم؟ [ ثمّ قال ] (١) والدماء تسيل على لحيته : يا شريح ، هذه أصوات عشيرتي أدخل منهم عشرة ليروني وينقذوني ، فلمّا خرجت تبعني حمير بن بكير وقد بعثه ابن زياد علي عيناً ، فلو لا مكانه لأخبرت القوم بخبره.
قال : فخرج شريح ، فقال : يا هؤلاء ، لا تعجلوا بالفتنة ، فإنّ صاحبكم لم يقتل ، فانصرف القوم.
ثمّ خرج ابن زياد حتّى دخل المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ التفت فنظر إلى أصحابه عن يمين المنبر وشماله في أيديهم الأعمدة والسيوف ، فقال : أمّا بعد ، يا أهل الكوفة ، اعتصموا بطاعة الله ورسوله وطاعة أئمتمكم ، ولا تختلفوا فتهلكوا وتندموا وتذلوا وتقهروا ، ولا يجعلنّ أحد على نفسه سبيلاً ، وقد أعذر من أنذر ، فما أتمّ الخطبة حسناً حتّى سمع الصيحة ، فقال : ما هذا؟
__________________
١ ـ من المقتل.