على الأقتاب في أسواقهم وشوارعهم ، وتشهر رؤوس أبناء وليّهم على الرماح في رحابهم ومجامعهم.
فيا دموعي لمصابهم حدّي بالدموع خدّي ، ويا زفراتي تصاعدي بسعير حسراتي ووجدي ، ويا كبدي لرزئهم تقطّعي ، ويا أحشائي حزناً عليهم تضعضعي ، وعمى لطرفي إن لم يسحّ دماً بقرينهم ، وسحقاًً لقلبي إن لم ينقطع أسفاً لمحنتهم ، لمّا كست السماء حمرة نجيع شهدائهم شفقاً ، أروت في فؤادي بانعكاس أشعة لهيبها حرقاً ، فقلبي حريق بسعير حزني ، وطرفي غريق بمعين جفني ، اُمثّل ثفنات وجوههم من أثر السجود على الرماح ، كالكواكب الدرّيّة بضيائها أو كشمكاةٍ فيها مصباح.
فلهذا وقفت بكائي وجزعي عليهم ، وصرفت المراثي من نظمي ونثري إليهم ، أنثر في ثرى ضرائحهم عبراتي ، واُصاعد في صعيد مراقدهم زفراتي ، وأهدي إلى أرواحهم سلامي وتحيّاتي ، واصلّي على أشباحهم عقيب صلواتي ، وفي جميع آناتي ، واُنشد لعظيم مصيبتي في خلواتي ، ولجسيم رزيّتي نحيبي وأنّاتي :
يا مصاب السبط أورثت البكا |
|
أعيُناً والقلب وجداً وعنا |
وعلى عينّي حرّمت الكرى |
|
ومزجت الدمع منّي بالدما |
لا تلمني أيّها العاذل إن |
|
نُحت بالترجيع من فرط الجوا |